Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 يناير 2023

نبوءة شح النفوس في اخر الزمان وظهور نار الحجاز ونبوءة انتفاخ الاهلة ونبوءة ان تلد الأمة ربتها


نبوءة شح النفوس في اخر الزمان
"شح مطاع"..لافتةٌ تحذيريّة رفعها النبي –صلى الله عليه وسلم- في وجه أمّته يحذّر فيها من فساد آخر الزمان، ضمّها إلى جانب لافتاتٍ أخرى: هوى متّبع، وسوء خلق، وإعجاب كلّ ذي رأيٍ برأيه، وقطيعة رحم، وكثرة الهرج والمرج، وانتشار الزنا، وتنزّل الفتن، وظهور الربا، واستحلال ما حرّم الباري تبارك وتعالى، وغيرها الكثير من القضايا التي تشير بجلاءٍ إلى قرب قيام الساعة.
ومع هذه اللفتة التي نريد الوقوف عندها في هذه الأسطر؛ لنستجلي معناها، ونستبين حقيقتها، ونُوضح خطورتها من خلال ميزان الشرع المؤسّس لكل خلقٍ قويم، والمحذّر من كل خلقٍ رذيل، والمنهج الربّاني المهذّب للنفوس والمصلح للقلوب من كلّ آفة وشائبة.
إنه الحديث عن الشحّ، وعن البخل، والشحّ كما يعبّر ابن منظور: حرص النّفس على ما ملكت وبخلها به، وما جاء في التّنزيل من الشّحّ فهذا معناه، ومنه قول الله تعالى: { وأُحضرت الأنفس الشح} (النساء: 128).
وبين الشحّ والبخل علاقةٌ وطيدة، وتلازمٌ ظاهر، ولربما ظنّ البعض أنهما مصطلحان يعبّرانٍ عن حقيقةٍ واحدة، وأنهما صورتان لوجهٍ واحد، بينما الحال أن بينهما اشتراكٌ من جهة، واختلافٌ من أخرى، يقول الحافظ ابن حجر في الفتح: " والشح أعم من البخل؛ لأن البخل يختص بمنع المال، والشح بكل شيء، وقيل: الشح لازم كالطبع، والبخل غير لازم".
ونرى ارتباط ظهور الشحّ وانتشاره بين الناس بأشراط الساعة ماثلاً من خلال جملةٍ من الأحاديث النبويّة الشريفة، تذكره في جملة الانتكاسات الأخلاقيّة الحاصلة آخر الزمان، ومن هذه الأحاديث ما قاله أبو هريرة رضي الله عنه: "إن من أشراط الساعة: أن يظهر الشح، والفحش، ويؤتمن الخائن، ويخون الأمين، ويظهر ثياب يلبسها نساء كاسيات عاريات" رواه الطبراني في المعجم الأوسط، ومثل هذا لا يقال بالرأي.
و عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يزداد الأمر إلا شدّة، ولا الدنيا إلا إدباراً، ولا الناس إلا شُحّاً) رواه ابن ماجة.
وأصحّ منهما حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويُلقى الشح، ويكثر الهرج) قالوا: وما الهرج؟ قال: (القتل القتل) رواه البخاري ومسلم.
يُعلّق الإمام النووي في شرحه لمسلمٍ قائلاً: "(ويُلقى الشح) هو بإسكان اللام وتخفيف القاف، أي: يوضع في القلوب. ورواه بعضهم (يلَقّى) بفتح اللام وتشديد القاف، أي: يُعطى، والشح هو البخل بأداء الحقوق والحرص على ما ليس له".
والتفاوت بين الناس في علاقتهم بزينة الدنيا لمثارُ عجبٍ ودهشة، وبين السّخاء والبخل درجات: فأرفع درجات السّخاء الإيثار، وهو أن تجود بالمال مع الحاجة إليه، وأشدّ درجات البخل: أن يبخل الإنسان على نفسه مع الحاجة إليه، فكم من بخيل يمسك المال ويمرض فلا يتداوى، ويشتهي الشيء فيمنعه البخل، وكم بين من بخل على نفسه مع الحاجة، وبين من يؤثر على نفسه مع الحاجة.
والحال أن الشحّ خلقٌ ذميم نهى عنه القرآن وأمر بضدّه، وبيّن عاقبة أصحابه فقال: { ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير} (آل عمران:180)، وذمّ أهل الكفر ووصفهم به: {أشحّةً على الخير} (الأحزاب:19)، وفي المقابل: مدح أهل الإيثار والجود فقال: { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (الحشر:9).
وقد حذّر منه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من الشحّ والبخل في أكثر من مناسبة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(خلق الله الجنة لبنة من فضة، ولبنة من ذهب، وملاطها المسك، فلما انتهى من بنائها قال لها الله عزّ وجل: تكلّمي. فقالت الجنة : قد أفلح المؤمنون، فقال الله عز وجل : وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل) رواه البخاري.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم. حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم) رواه مسلم.
وأهل البخل محرومون من دخول الجنّة مع الأوّلين، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- : (لا يدخل الجنة بخيل) رواه الترمذي، وفي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام: (خصلتان لا تجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق) رواه الترمذي كذلك، وكثيراً ما كان خير البريّة -صلى الله عليه وسلم- يدعوا قائلاً : (اللهم إني أعوذ بك العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل) رواه مسلم.
ونقول كذلك: إن حبّ الذات وإيثار النفسِ أمرٌ من صميم الطباع الإنسانيّة التي تدلّ على ضعفها، فإذا زادت هذه الصفة عن حدّها وسيطرت على صاحبها، تحوّل الأمر من محبّة الخير للنفس إلى إيصادٍ تامّ لأبوابه عن الآخرين، وانكفاءٌ مذمومٍ على الذات، وتركيزٍ على الجمع دون الإنفاق، وعلى الأخذ دون العطاء، والتكسّب دون التفضّل، فهو طغيانٌ يؤدّي بصاحبه إلى تضييع الحقوق، والاستطالة على الآخرين، والأنانية المفرطة المقيتة.
ولعل من يستعرض الواقع يجد أن صور التكافل الاجتماعي كانت في الماضي القريب -فضلاً عن ذلك البعيد- أكثر كثافةً وأشدّ ظهوراً، تراه بين الجيران في صورة تلبية حاجات أهل البيت عند سفر المُعيل لتلك الأسرة، وتعاهد الجار لجاره ومبادلته له بأنواع الطعام تطبيقاً للأدب النبوي في ذلك، وتراه عند التاجر في صورة إنظار المعسرين، وعدم استغلال مواسم الجفاف في احتكار البضاعة لأجل رفع أسعارها، والرّضا بالمقسوم من الرّزق، فضلاً عن بذل البضائع دون مقابلٍ للفقراء والمساكين احتساباً، وتراه في صورٍ أخرى يعجز الإنسان عن استقصائها، واللسان عن سردها.
أما اليوم فمن المحزن قوله أن الشحّ والبخل قد تناسب طرديّاً مع البسطة الحاصلة في الرّزق والسعة في المال، والطفرة المعيشيّة المعاصرة، فزادت الرفاهية وزادت معها حظوظ النفس وأَثَرتها وضنّها به، وتعلّقها بحقيقته، وبعد أن كان الدرهم يسبق الألف درهم، صارت الدراهم تجد صعوبةً في النفوذ من النطاقات (الجمركيّة) التي يفرضها أرباب الأموال على أموالهم، لكأنّها تخرج من عنق زجاجةٍ ضيّق بقدر ضيق نفوس أصحابها، فنعوذ بالله من الخذلان.
وعلى المسلم أن يتذكّر أن الله سبحانه وتعالى غني عنا وعن أموالنا، وأن نفع الصدقات والأعمال عائد إلى أصحابها، ومع هذا فهو حميد على ما يأمرنا به من الأوامر الحميدة والخصال السديدة، والامتثال لها هو قوت القلوب، وحياة النفوس، ونعيم الأرواح، ذلك هو ما يريده الله سبحانه لعباده، أما الشيطان فله مرادٌ آخر: { الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم} (البقرة:268).
========
https://www.islamweb.net/PicStore/Random/1357716695_183735.jpg
ونبوءة ظهور نار بالحجاز

اختص الله بلاد الحجاز بأقدس بقعة على وجه الأرض، مكة المكرمة منبع النبوة، ومهد الرسالة، وأحب البلاد إلى الله، وفيها طيبة الطيبة، مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وموطن أصحابه المهاجرين والأنصار.
وقد تميزت أرض الحجاز عن المناطق حولها من حيث الطبيعة الجيولوجيّة، ولعل كل من يقترب من "طيبة الطيّبة" أو يدخل مشارفها يلحظ التكوينات الصخوريّة السوداء التي تحيط بالمدينة وتنتثر في جنباتها وتُعرّف بـ(الحَرّة)، والتي تكوّنت بفعل الأنشطة البركانيّة القديمة فيها، وتمتد هذه الصخور البركانيّة لتشكّل دائرةً واسعة تثير شغف الدارسين والمهتمّين بعلوم الأرض.
ويُطلّ السؤال برأسه قائلاً: "ما العلاقة إذن بين الصخور السوداء والبراكين القديمة، وبين الحديث عن أشراط الساعة؟" والجواب عليه بأن يُقال: لقد تنبّأ النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قيام نشاطٍ بركاني يحدث بعده، ويكون شرطاً من أشراط الساعة وعلاماتها، ويُعرف في كتب العقائد والسّنن بـ(خروج نار الحجاز).
والعمدة في هذه النبوءة حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، يضيء لها أعناق الإبل ببُصرى) رواه البخاري ومسلم، وبصرى مدينة معروفة بالشام، وهي مدينة حوران، وبينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل، والمرحلة كما يقول أهل اللغة هي المسافة يقطعها السائر والمسافر في نحو يوم.
وثمّة حديث آخر يحمل ذات الدلالة، وهو حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أنه قال: كنا نتحدث في ظلِّ غرفة، فأشرف علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تلك الغرفة، فقال: (ما تحدّثون؟) قلنا: نتحدث عن الساعة، فقال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من رُومان أو رَكُوبة يضيء منها أعناق الإبل ببصرى) وقد رواه الطبراني في المعجم الكبير.
يقول الحافظ ابن حجر في الفتح: "ورَكُوبة: ثنيّة صعبة المرتقى في طريق المدينة إلى الشام، مرّ بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، ورومان: لعل المراد رومة البئر المعروفة بالمدينة" والثنيّة هي العقبة والمرتفع من الأرض.
إذن نفهم من الحديثين السابقين أن النبي صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن الأرض سوف تنشقّ وتخرج منها الحمم الملتهبة، وأنها ستخرج على نحوٍ كثيف، إلى درجة أن الناس في الشام سوف يدركون حدوثها، ويرون نيرانها.
  قول الله تبارك وتعالى عن نار جهنم: { إنها ترمي بشرر كالقصر* كأنه جمالتٌ صُفر} (المرسلات:31-32).
وسال من هذه النار واد يكون مقداره اثني عشر ميلاً، وعرضه أربعة أميال، وعمقه قامة ونصف، وهي تجري على وجه الأرض، ويخرج منها جبال صغار تسير على وجه الأرض، وهو صخر يذوب حتى يبقى مثل الآنك –وهو الرصاص المذاب-، فإذا جمد صار أسود، وقبل الجمود لونه أحمر، وكما نعرف فهذا هو الوصف الدقيق للبراكين.
واشتدت حركة هذه الحمم البركانيّة، واضطربت الأرض بمن عليها، وارتفعت الأصوات، لخالقها، ودامت آثار الحركة حتى أيقن أهل المدينة بوقوع الهلاك، وزلزلوا زلزالاً شديداً رجفت منه الأرض والحيطان، والسقوف والأخشاب والأبواب، فلما كان يوم الجمعة نصف النهار ثار في الجو دخان متراكم أمره متفاقم ثم شاع النار وعلا حتى غشى الأبصار، يقول أحد المؤرّخين: "أخبرني من أثق به ممن شاهدها، أنه كُتِب بتيماء –إحدى المناطق- على ضوئها الكتب، وكنا في بيوتنا تلك الليالي، وكأن في دار كل واحد منا سراج"، ووصفها آخر بأن نيران تشتعل، ويبصرها الناس في الليل من المدينة كأنها مشاعل الحجاج أيّام منى ومزدلفة، وذلك من شدّة إضاءتها.
وقد حدث ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم- من إضاءة هذه النيران لأعناق الإبل ببصرى، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه، قد أخبر قاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي القاسم التميمي الحنفي الحاكم بدمشق، فقال: "سمعت رجلاً من الأعراب يخبر والدي بِبُصْرى في تلك الليالي، أنهم رأوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت في أرض الحجاز".
وحصل بسبب هذه النار إقلاع عن المعاصي، والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وخرج أمير المدينة عن مظالم كثيرة إلى أهلها، وأعتق كل مماليكه، ورد على جماعةٍ أموالهم، ودخل أهل المدينة إلى مسجد نبيهم عليه الصلاة والسلام مستغفرين تائبين إلى ربهم تعالى، وبات الناس بين مصلٍّ وتالٍ للقرآن، وراكع وساجد، وداع إلى الله عز وجل، ومتنصّلٍ من ذنوبه، راجٍ عفو ربّه.
ويضيف أحد شهود العيان قائلاً: " والله لقد زُلزلت مرة ونحن حول حجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اضطرب لها المنبر، إلى أن أوجسنا منه، إذ سمعنا صوتاً للحديد الذي فيه، واضطربت قناديل الحرم الشريف، وتمت الزلزلة إلى يوم الجمعة ضحى، ولها دوي مثل دوي الرعد القاصف".
وأنشد أحدهم قائلا:
يا كاشف الضر صفحاً عن جرائمنا * لقد أحاطت بنا يا ربُّ بأساء
نشكو إليك خطوباً لا نطيقُ لها * حملاً ونحن بها حقاً أحقّاء
زلازل تخشعُ الصُّم الصلابُ لها * وكيف يقوى على الزلزالِ شماءُ
أقامَ سبعاً يرجّ الأرض فانصدعت * عن منظرٍ منه عينُ الشمسِ عشواءُ
بحرٌ من النار تجري فوقهُ سفنٌ * من الهضاب لها في الأرض أرساءُ
كأنما فوقهُ الأجبال طافيةٌ * موجٌ عليه لفرط البهج وعثاءُ
ترمي لها شرراً كالقصر طائشةً * كأنها ديمةٌ تنصب هطلاءُ
تنشقُ منها قلوبُ الصخر إن زفرت * رعباً وترعدُ مثلُ السعفِ أضواءُ
منها تكاثف في الجو الدخان إلى * أن عادت الشمسُ منه وهي دهماءُ
فيالها آيةٌ من معجزاتِ رسول الله يعقلها القومُ الألباءُ
فباسمكَ الأعظمِ المكنون إن عظمت * منا الذنوب وساءَ القلبُ أسواءُ
فاسمح وهب وتفضل وامحُ واعفُ وجدْ * واصفحْ فكلٌّ لفرطِ الجهل خطّاءُ
فقومُ يونسَ لمّا آمنوا كُشف الـ * ـعذابَ عنهم وعمَّ القوم نعماءُ
فارحم وصَلِّ على المختارِ ما خطبت * على علا منبر الأوراق ورقاءُ
وعلى الرغم من هذه الشدائد إلا أن المدينة كان يأتيها نسيمٌ باردٌ لا ينسجم مع المظاهر الحراريّة التي تحيط بها وتهدّدها، ولعلها رحمةٌ من الله بأولئك التائبين المقبلين على ربّهم، واستمرّت تلك الظاهرة حتى انطفأت النيران في السابع والعشرين من شهر رجب ليلة الإسراء والمعراج.
وللشيخ قطب الدين القسطلاني تأليفٌ مفصّل في بيان حال هذه النار، سمّاه: "حمل الإيجاز في الإعجاز بنار الحجاز"، يؤكّد أن هذه النار التي ظهرت بالحجاز آية عظيمة، وإشارة صحيحة دالة على اقتراب الساعة، أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بخروجها قبل ظهورها بمقدار ستمائة وخمسين سنة تقريباً، فالسعيد من انتهز الفرصة قبل الموت، وتدارك أمره بإصلاح حاله مع الله عز وجل قبل الموت.
بقي لنا أن ننبّه إلى أن هذه النار تختلف عن تلك التي أخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- عن خروجها من اليمن قبيل قيام الساعة بقليل، فإن تلك النار هي شرطٌ مستقلّ لا علاقة له بما حدث في أرض الحجاز وإن اشتركا في طبيعة الأحداث، يقول الحافظ ابن حجر: " وليس في الحديث أن نار الحجاز متعلقة بالحشر، بل هي آية من أشراط الساعة مستقلة".
=====

من أشراط الساعة .. انتفاخ الأهلّة
من أشراط الساعة .. انتفاخ الأهلّة
من أشراط الساعة .. انتفاخ الأهلّة 
هل تغزّل الشعراء بشيءٍ تغزّلَهم بالقمر؟ ألم يجعلوه رمزاً للصفاء والنقاء، والروعة والجمال، والطهر والعفاف؟ إنه القمر، محرّك المشاعر، ومبدّد الأحزان والمخاوف، تشرّف بذكره في القرآن الكريم سبعةً وعشرين مرّة، بل سُمّيت سورةٌ كاملةٌ باسمه، وبلغ من مكانته أن أقسم به ذو العزّة والجلال في ثلاثة مواضع من كتابه فقال: {كلا والقمر} (المدثر:32)، وقال: {والقمر إذا اتسق} (الانشقاق: 18)، وقال كذلك: {والقمر إذا تلاها} (الشمس: 2)، وهو من آيات الله العظيمة: {ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر} (فصلت:37).
ولو لم تكن للقمر تلك المكانة العظيمة، ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب) رواه أصحاب السنن عدا النسائي.
وبين القمر وحياة الإنسان علاقةٌ مشتركةٌ تتمثّل في التشابه بينهما في دورة الحياة، فكلاهما يولد وينمو يوماً بعد يوم، حتى يبلغ كماله وأشدّه –إن جاز التعبير-، وبعد أن يبلغ المنحنى ذروته يبدأ بالنقصان والأفول حتى يختفي تماماً، فأما ابن آدم فيواريه التراب، وأما القمر فيتوارى في سديم الكون المظلم، وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر.
والحديث عن القمر له ارتباطٌ بجانب المعتقد من نواحٍ كثيرة، نخصّ منها علاقته بأشراط الساعة وعلاماتها، ونجد هذا الارتباط مرّتين اثنتين، أولاهما: المعجزة التي أجراها الله سبحانه على يد النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما انشقّ القمر بطلبه، فقد قال سبحانه وتعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر} (القمر:1).
وأما الثانية، فكانت لها علاقةٌ بالمنازل السماوية للقمر، ونجدها في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قَبَلاً، فيقال: لليلتين) رواه الطبراني في معجميه: الصغير والأوسط، وابن الجعد في مسنده، كما أورده ابن أبي شيبة في المصنّف بنحوه.
والمعنى كما ذكر ابن الأثير وغيره من أصحاب اللغة أن يُرى الهلال ساعة طلوعه لعظمه ووضوحه من غير أن يُتطلّب، فيُظنّ أنه ابن ليلتين، بينما هو في الليلة الأولى، والعرب تقول: رأينا الهلال قَبَلاً، إذا لم يكن رئي قبل ذلك.
وثمّة وصفٌ آخر لذات المعنى، جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة، حتى يرى الهلال لليلة، فيقال: لليلتين) رواه الطبراني في المعجم الكبير.
والحديثين السابقين يبيّنان أن من الأدلة على اقتراب الساعة، أن يُرى الهلال عند بدو ظهوره كبيراً، حتى يقال ساعة خروجه إنه لليلتين أو ثلاثة.
ونقول بدايةً: لقد قدّر الله سبحانه وتعالى أن هيّأ للقمر منازل لا يجاوزها ولا يقصر دونها ، قال سبحانه وتعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون} (يونس:5)، ويذكر أهل التفسير أن منازل القمر ثمانية وعشرون منزلاً، ينزل القمر في كل ليلة إحدى تلك المنازل والمواقع، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين، وإن كان الشهر تسعاً وعشرين فيستتر ليلة واحدةً ويُسمّى محاقاً.
وبنزول القمر هذه المنازل الخاصّة به وبشكلٍ منتظم يتمكّن الناس من تحديد الأوقات اليوميّة، فكان الشهر القمري الذي تمسّكت به أمّة الإسلام وصار من خصائصها، وهو رحمةٌ إلهيّة بالناس ورفعٌ للالتباس في المعاش والتجارات والعبادات وغير ذلك مما يُضطرّ فيه إلى معرفة التواريخ.
وأي اختلالٍ في هذه المنازل التي ينزلها القمر يؤدّي بالضررورة إلى اختلاف المواقيت وحدوث الارتباك، ونحن نعلم أن أهل الباديةِ –على سبيل المثال- يعتمدون بشكلٍ كبيرعلى المشاهدة الحسيّة المباشرةِ للقمر في السماء، فيكون هذا التبدّل الشكلي في حجم القمر مُشكلاً بالنسبة إليهم.
أما وقد علمنا المعنى اللغوي المقصود من "انتفاخ الأهلّة" و"أن يُرى الهلال قَبَلاً"، فيحسن بنا أن نتطرّق إلى الجانب الفلكي المفسّر لحدوث هذه الظاهرة المستجدّة، فمن المؤكّد أن حجم الهلال وتدرّجه في منازله له علاقةٌ مباشرةُ بالمواقع المكانيّة لكلٍ من: الشمس والقمر والأرض، ولها علاقةٌ بقدرة القمر على عكسِ أشعّة الشمس التي تصطدم على سطحه، وعلاقةٌ بدخول القمر في الجانب المظلم الذي لا يصله ذلك الضياء، فهذا "الانتفاخ" يعني تغيّراً في حركة الأجرام السماويّة ومواقعها، وما يستتبعه ذلك من تبدّلٍ في نسبة الأشعّة الواصلة إلى القمر، والتي يبدو أنها ستزيد، وبالتالي ستزداد المساحة المضيئة منه، حتى يُرى الهلال ابن الليلة وكأنّه ابن ليلتين، والله أعلم.
وقد جاء في السنّة ما يشير إلى حدوث هذا الانتفاخ مرّةً، فعن أبي البختري قال: خرجنا للعمرة، فلما نزلنا ببطن نخلة تراءينا الهلال، فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين، قال: فلقينا ابن عباس رضي الله عنهما، فقلنا: إنا رأينا الهلال، فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين، فقال: أي ليلة رأيتموه؟ قال فقلنا: ليلة كذا وكذا، فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله مدّه للرؤية، فهو لليلةِ رأيتموه) رواه مسلم وبوّب عليه: "باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وصغره".
والمقصود أن القوم كانوا ينتظرون رؤية هلال رمضان فقاموا يتحرّون رؤيته، فاختلفوا إن كان ابن ليلةٍ أم ابن ليلتين، فذكر لهم ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أن مثل هذا الاختلاف الذي حصل بينهم قد حدث في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم فقال لهم: (إن الله مدّه للرؤية، فهو لليلةِ رأيتموه)، والمعنى كما يقول الإمام ابن الجوزي: "لا تنظروا إلى كبر الهلال وصغره، فإن تعليق الحكم على رؤيته".
إذن فقد حصل وقع انتفاخ الهلال ولكن - والله أعلم - أن الذي سيحدث مرّةً أخرى، وسيكون علامة على اقتراب الساعة هو تكرّر هذا الانتفاخ حتى يُصبح ظاهرةً عامّة.
=====
من أشراط الساعة .. أن تلد الأمة ربّتها

 قلت المدون سبق تحقيقها قي صفحة مستقلة فراجعها
لعل السمة العامة البارزة لآخر الزمان هو الخروج عن المألوف، ومخالفة المعهود الذي اعتاد الناس حصوله واعتبروه نمطاً من أنماط الحياة، ويمكن إدراك هذه المخالفة حين تُراجع النصوص النبويّة التي تصف أحداث المستقبل، وهذا الاختلاف الحاصل هو أمرٌ حتمي تتطلّبه طبيعة آخر الزمان، فالتغيّرات الحاصلة فيه هي التي ستشكّل العلامة على قرب نهاية الدنيا وقيام الساعة .
وبنظرةً سريعةٍ إلى كلّ ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه من علامات الساعة وأشراطها، سنجد من بينها الكثير من الأمور والأحداث التي تشكّل علامةً فارقةً تدلّ على الاضطراب والاختلال، كمثل الحديث عن كثرة الزلازل وانتشار الفتن بأنواعها، وشيوع القتل والهرج، وتقارب الأسواق، ووقوع التناكر بين الناس، وقل مثل ذلك عن انتفاخ الأهلّة، وضياع الأمانة، وظهور الجهل، وقلّة العمل.
ولن يختلف الحال هنا عند الحديث عن أحد تلك الاضطرابات والاختلالات الاجتماعيّة في المجال الأسري، والذي جاءت الإشارة إليه في حديث جبريل عليه السلام، ونصّه كما جاء في صحيح مسلم: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه....-ثم سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان- ثم قال: فأخبرني عن الساعة ، قال: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) قال: فأخبرني عن أمارتها، قال عليه الصلاة والسلام: (أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)، قال: ثم انطلق فلبثت مليّاً، ثم قال لي: (يا عمر أتدري من السائل؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم).
(أن تلد الأمة ربتها) هذا هو محور حديثنا هنا، ودواعي البحث والبيان تقتضي ذكر جميع الروايات التي تطرّقت إلى ذكر هذه المسألة، وهي: (إذا ولدت الأمة ربها) كما جاء في صحيح البخاري، و(إذا ولدت الأمة بعلها) في صحيح مسلم.
أما الأمة فهي المرأة المملوكة خلاف الحرة، ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام: (ربّها) فهو سيدها ومالكها، والرب يطلق في اللغة على المالك، والسيد، والمدبر، والمربي، والقيم، والمنعم، وعلى هذا يكون معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (ربّتها) سيدتها أو المنعمة عليها، وأما (بعلها) فالبعل هو الزوج، ومنه قوله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} (النساء: 128).
إذا كان الأمر كذلك، وعرفنا المعنى اللغوي لتلك المفردات الواردة في الروايات المختلفة، فما معنى قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (أن تلد الأمة ربتها)؟
في الواقع لقد ذكر علماء العقيدة وشرّاح الحديث عدّة معانٍ يمكن تلخيصها فيما يلي:
القول الأوّل: وهو ما ذكره الخطابي والنووي وغيرهما، أن المقصود هو اتساع رقعة الإسلام، واستيلاء أهله على بلاد الشرك وسبي ذراريهم، فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربِّها –أي مالكها- لأنه ولد سيّدها، وملك الأب راجع في التقدير إلى الولد.
وعلى الرغم من كون هذا القول هو قول الأكثرين إلا أن الإمام ابن حجر قد تعقّب هذا القول، معلّلاً ذلك بقوله: " لكن في كونه المراد نظر لأن استيلاد الإماء كان موجودا حين المقالة والاستيلاء على بلاد الشرك وسبي ذراريهم واتخاذهم سراري وقع أكثره في صدر الإسلام وسياق الكلام يقتضي الإشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة ".
القول الثاني: أن تبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر ذلك فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها ولدها ولا يشعر بذلك، وعلى هذا فالذي يكون من الأشراط غلبة الجهل بتحريم بيع أمهات الأولاد أو الاستهانة بالأحكام الشرعية.
القول الثالث: أن تلد الأمة من غير سيّدها، ولكن على نحوٍ لا تُصبح فيه أمّ ولد، ثم يكون ولدها حرّاً، وضربوا لذلك عدّة صورٍ معروفةٍ في كتب الفقه، وهي: وطء الشبهة، ونكاح الرقيق، اولإتيان بالولد عن طريق الزنا، وبعد ذلك كلّه: تُباع تلك الأمة بيعاً صحيحاً، وتدور في الأيدي حتى يشتريها ابنها أو ابنتها الذي كان حرّاً من قبلها، فتتحقّق صورة أن الأمة قد ولدت سيّدها أو سيّدتها.
القول الرابع: أن تلد الأمة ولداً يُعتق بعدها، ثم يصير هذا الولد ملكاً من الملوك، فتصير الأم من جملة الرعية، والملك سيّداً لرعيّته، وهذا هو قول إبراهيم الحربي، وقد علّله بأن الرؤساء في الصدر الأول كانوا يستنكفون غالباً من وطء الإماء، ويتنافسون في الحرائر، ثم انعكس الأمر بعد ذلك، وقد تعقّب الحافظ ابن حجر هذا القول بأن رواية: (ربّتها) بتاء التأنيث قد لا تساعد على هذا المعنى.
القول الخامس: أن تلد الأمة زوجها، ووجه ذلك: أن السبي إذا كثر فقد يُسبى الولد أولاً وهو صغير، ثم يُعتق ويكبر ويصير رئيساً بل ملكاً، ثم تُسبى أمه فيما بعد، فيشتريها وهو لا يشعر أنها أمّه، فيستخدمها أو يتّخذها موطوءة، أو يعتقها ويتزوجها، دون أن يعلم أنها أمّه، وقد تُعقّب هذا القول بأن المراد بالبعل: المالك، وهو أولى لتتفق الروايات، واللغة تشهد بصحّة الإطلاق، فإنهم يذكرون أن بعض العرب قد ضلت ناقته، فجعل ينادي بالناس: "من رأى ناقةً أنا بعلها" أي صاحبها ومالكها.
القول السادس: أن يكثر العقوق في الأولاد، فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام، فأطلق عليه ربّها مجازاً، لذلك أو المراد بالرب: المربي فيكون حقيقة.
يقول الحافظ: "وهذا أوجه الأوجه عندي لعمومه، ولأن المقام يدل على أن المراد حالةً تكون مع كونها تدل على فساد الأحوال مستغربة، ومحصّله: الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور، بحيث يصير المربَّى مُربّياً، والسافل عالياً".
وعلى أية حال فالصور السابقة جميعها قد حدثت وإن كانت قليلة، ومجرّد حدوثها دالّةٌ على صدق من أخبر بها، وفي زماننا هذا رأينا مصداق القول الذي انتصر له الحافظ رحمه الله، فعقوق الأمهات قد انتشر على نحوٍ مثيرٍ للأسى، واستطالة الأبناء على أمهاتهم وتعاملهم معها تعامل المخدوم مع خادمه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن اللافت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في سياق هذه العلامة قد عبّر بقوله: (ربّها أو ربّتها)، ولعل البعض يستشكل ذلك في ضوء النهي الوارد في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يقل أحدكم: أطعم ربك وضئ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي أمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي) متفق عليه، والجواب أن إضافة الرب إلى غير الله تعالى والذي جاء النهي عنها في الحديث إنما كان لأجل الإضافة إلى ضمير المخاطب، بما يوهم معنى فاسداً بالنسبة لكلمة رب، بخلاف الإضافة إلى ضمير الغائب كما هو في حديث جبريل عليه السلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل للمرأة حور عين علي غرار الرجال ام مااااااااااااااااذا؟

  ماذا للنساء في الجنة هل لهن الحور العين؟  62 - للرجال حور العين ولكن ماذا للمرأة؟ عدد القراء :  السؤال : وفقا للقرآن عندما يدخل الرج...