Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 يناير 2023

نبوءة قطيعة الرحم ونبوءة ذهاب الصالحين

 

الأسرة في صورتها المشرقةِ الجميلة التي رسمها الإسلام وأوضح معالمها أشبه ما تكون بالشجرة الكبيرة، تعدّدت غصونها، وتناثرت عليها ثمارها، ومهما تباينت أحجام هذه الثمار في مواقعها أو أحجامها أو أعمارها، إلا أنها تنطلق من أصلٍ مشترك؛ فالساق واحدة، والجذور التي تمدّها بالحياة هي ذاتها، ولو تصوّرنا لهذه الثمار مشاعر وأحاسيس لكان أبرزها: الشعور بالانتماء لهذه الشجرة

وكما أن أجساد الأحياء تعود إلى اجتماع الخلايا واصطفافها، وأصول المعادن تعود إلى ذرّاتٍ تكوّن بمجموعها كياناً واحداً متماسكاً، فكذلك الحال مع الأسرة؛ إذ هي القاعدة لبناء جسم الأمّة، وحياة هذه الأسرة وقوّتها ضمانٌ لقيام المجتمع المتآلف المنسجم، والسبيل الأوحد لتحقيق هذه الغاية لا يكون إلا بقيام العلاقات الوثيقة بين الأهل والأقارب.

وما سًمّيت الرحم بهذا الاسم إلا لما فيه من داعية التراحم والتعاطف بين ذوي القرابة، وضرورة وجود أسباب التواصل بين أفرادها، فالمطلوب هو توثيق وشائج القربى، وتقوية أواصر التكافل، ولأهميّة هذه الصلات قرن الله سبحانه وتعالى الأمر بتقواه، بالأمر ببرّ الأرحام، والنهي عن قطيعتها فقال: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} (النساء:1).

ومن غربة الدين التي تنبّأ بها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وجعلها من أشراط الساعة، التهاون في شأن هذه الأرحام وهضم حقوقها، والتقصير في تحقيق متطلّباتها، بل أشدّ من ذلك: القطيعة التامّة بين أفراد ذوي القربى.

ونورد استدلالاً على هذه القضيّة حديثين اثنين، أما الأوّل: حديث أبي سبرة حيث قال: لقيت عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فحدثني مما سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأملى عليّ، فكتبت بيدي، فلم أزد حرفاً، ولم أنقص حرفاً، حدثني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش، وقطيعة الرحم، وسوء المجاورة، وحتى يؤتمن الخائن ويخون الأمين) رواه أحمد.

 

وعن عبس الغفاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (بادروا بالموت ستاً: إمرة السفهاء، وكثرة الشُّرَط، وبيع الحُكْم، واستخفافاً بالدم، وقطيعة الرحم) رواه أحمد، والمقصود بقوله: (بيع الحُكْم) كناية عن الرشوة التي بها بسببها تُبدّل الأحكام، والشُّرط هم أعوان الحكّام.

لقد كان الإسلام سبّاقاً إلى الدعوة والتذكير بضرورة إبقاء أسباب التواصل والتكافل بين الأرحام والأقارب، ويظهر ذلك من خلال بيان أنها من علامات الإيمان ودلائله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه) رواه البخاري، ثم إنها من أسباب البركة في الرزق وطول في العمر، كما جاء في حديث أنس المرفوع: (من أحب أن يُبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه) أخرجه البخاري، وهي من الطرق الموصلة إلى الجنة: (يا أيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام) رواه أحمد والترمذي وابن ماجة، 

💥 وقد أخبر الله تعالى عن الرحم وعن لجوئها إليه، ومناشدتها لربّها أن يُنصفها ممن ظلمها، وأن يُجزل العطاء لمن عرف حقّها، وبهذا المعنى وردت جملةٌ من الأحاديث نذكر منها: (الرحم متعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله) رواه مسلم، ومن وصله الله فلن ينقطع حبله أبداً.

ولا تقف أدوات التواصل المطلوب عند حدود التزاور والسؤال عن الأحوال، بل إنها تعني كذلك فيما تعني: عيادة المريض، ومواساة الفقير، والرحمة على الصغير، واحترام الكبير، وكفالة اليتيم، ورعاية ذوي المسافر، والوقوف في أيّام الشدائد، وإغاثة الملهوف، وبذل المعروف، وغيرها من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي تُبذل ولو من طرفٍ واحد: 

💥 (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قَطعتْ رحمهُ وصلها) رواه البخاري.

 

وبين الأمس واليوم نجد البون الشاسع والمفارقة الغريبة في العلاقات الأسريّة والحفاظ على وشيجة الرحم، لقد كان التلاحم يُشكّل في السابق صورة القبائل المؤتلفة والعوائل المتّحدة ذات الأواصر المتجذّرة، وكان من مظاهر هذا التماسك الرَّحِمِي: الحفاظ على الأنساب والاهتمام بها تطبيقاً لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المرفوع: 

💥 (تعلّموا من أنسابكم، ما تصلون به أرحامكم) رواه أحمد، وكنّا نجد من يصف غيره بأنّه: (من أبناء العمومة) ويقصد بها الاشتراك في أحد الأصول في النسب، وليست العمومة القريبة كما هو ظاهر اللفظ.

ولن نبعد كثيراً إن قلنا أن ذلك الترابط من قوّته وشدّته قد تجاوز الخطوط في بعض المراحل وظهرت فيه بعض صور الغلو التي نجح الإسلام في علاجها وتهذيبها، كمسألة العصبيّة القبليّة والأخذ بالثارات ونحوهما، فهذه الصور وإن كانت خروجاً عن الجادة والصواب، إلا أنها تعكس اهتماماً بالروابط والقرابات.

 

وإلى الأمس القريب كنّا نسمع بمفهوم (الأسرة الممتدّة)، والمقصود بها كما هو ظاهر: تواجد أربعة أجيالٍ تحت سقفٍ بيت واحد: الأجداد، والآباء، والأبناء، والأحفاد، وهذا التعايش والتقارب الجسدي له أثره في التقارب الوجداني والتآلف الأسري، فيحنّ الأخ على أخيه، ويسأل الجدّ عن أحفاده، ويهتمّ كلّ فرد بالبقيّة ولا يتصوّر الحياة دونها، ويعزّ عليه فراق هذا الكيان المتكامل المنسجم.

 

ثم جاءت المدنيّة المعاصرة وعصور الانفتاح، ليتفكّك بنيان الأسرة الذي كان يشمل هذه الأجيال ليعيش كلّ جيلٍ لوحده، بل قد يعيش أصحاب الجيل الواحد (كالأبناء) كلٌّ لوحده، وشيئاً فشيئاً قلّ التزاور ووهنت الصلات، فلا تفقّد لحاجة المحتاج، ولا سؤال عن الأحوال، ولا مهاتفاتٍ أو مراسلات، فضلاً عن التشرذم والتفرّق والتباعد، والجفوة الحاصلة والعداوات الحاضرة التي تشكو منها المجتمعات، ونرى آثارها في المحاكم والمناشط الاجتماعيّة ومواقع الاستشارات.

 

وبعيداً عن حياة المسلمين التي لا تزال بمجملها تحتفظ بخيطّ قد دبّ فيه الوَهن، فإننا لو ألقينا نظرةً على حياة المجتمعات الغربيّة لرأينا فجوةً سوداء مظلمة ما لها من قرار، ومظاهر التفكّك الأسري ودواعيه لا تخفى على الناظر، بل صار مجرّد تصوّر الأسرة المتماسكة مجرّد حلمٍ جميل من أحلام القرون الماضية ليس له حضورٌ إلا في المسلسلات والروايات، ولا نتحدّث هنا عن الرّحم بمفهومه الشرعي الممتد، ولكنّه الحديث عن القطيعة التامة بين أفراد الأسرة بأصغر أجزائها المعروفة: بين الوالد وما ولد، وبين الأخ وأخيه، وبين الأزواج والزوجات، حتى صرنا نسمع من المضحكات المبكيات أن أمّاً تصف برّ ولدها بابنها فتقول: "ولدي لم ينسَ أنّ له أمّاً ربّته واعتنت به، تصوّري أنه لا ينسَ الاتصال بي في كلّ عيد! ويبعث إليّ ببطاقة تهنئةٍ في عيد الأم!" فهذه هي غاية الوفاء عندهم وسقف آمالهم وتطلّعاتهم من مسألة الصلات.

إن هذه القطيعة وصورها التي تأباها النفوس وترفضها الفطر السويّة هي مخالفةٌ صريحة لمنهج الله القائم على المودّة والحرص على التقارب، وهذا يُفسّر الوعيد الشديد الوارد في حقّ المخالفين، قال الله تعالى: { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم*أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} (محمد:22-23).

وعن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا، مع ما يدخر له في الآخرة، من البغي وقطيعة الرحم) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، 

💥 وصحّ عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) متفق عليه.

وخاتمة القول: إن علينا أن نعرف حق هذه الصلات ونًدرك أهميّتها حتى ننال رضا ربّنا، وقد قال علي رضي الله عنه: "عشيرتك هم جناحك الذي بهم تحلق، وأصلك الذي به تتعلق، ويدك التي بها تصول، ولسانك الذي به تقول، هم العدة عند الشدة، أكرم كريمهم، وعُد سقيمهم، ويسر على معسرهم، ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك".

=============*

من أشراط الساعة .. ذهاب الصالحين عن إسلام ويب

تاريخ النشر:10/03/2013 . 

لا تحيا الأمم ولا ترقى الشعوب إلا بعظمائها، وعظماء أمّة الإسلام هم أهل الصلاح والإصلاح، الذين يحتسبون وجه الله سبحانه فيما ينالهم من العنت والمشقّة حين تأدية واجبهم وتحقيق رسالتهم، والذين يتركون في الناس الذكر الحسن في حياتهم وبعد مماتهم، هم البركة الحقيقيّة والذخيرة التي لا تنضب، يعرف ذلك من لمس أثرهم، وحرص على القرب منهم، وشتّان بين الجليس الصالح، وجليس السوء

فإذا كانت حاجة الأمم إليهم وتعلّقها بهم لا تُقدّر بثمن، فكيف الحال إذا كان تناقصُ أعدادِهم واختفاءُ آثارهم هو علمٌ من أعلام الساعة وأشراطها؟ 

ذلك هو ما أخبر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحابته تصريحاً وتلميحاً في غيرما مناسبة ، وكان من جملة إخباراته النبويّة ما جاء في حديث مرداس الأسلمي رضي الله عنه مرفوعاً: (يذهب الصالحون الأول فالأول, وتبقى حُفالة, كحفالة الشعير والتمر, لا يباليهم الله بالةً) وفي رواية: (لا يعبأ الله بهم) كلاهما في البخاري .

 

ومعنى "حُفالة": ما يسقط من قشر الشعير عند الغربلة، ومن التمر بعد الأكل، وقد جاء في رواية أخرى بلفظ "حثالة"، وهي بذات المعنى، وأما معنى "لا يباليهم الله بالةً": لا يرفع لهم قدر ولا يقيم لهم وزناً.

 

فهذا الحديث يشير صراحةً إلى أن موت الصالحين وتناقص أعدادهم هو من أشراط الساعة ، وأن ذهابهم يكون شيئاً فشيئاً وليس مرّةً واحدة، كما أن في الحديث السابق ترغيبٌ في الاقتداء بالصالحين، والتحذير من مخالفة طريقهم، خشية أن يكون من خالفهم ممن لا يباليه الله ولا يعبأ به، كما ذكر ذلك شرّاح الحديث.

وقريبٌ من الحديث السابق ما جاء في سنن ابن ماجة، ومسند الإمام أحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لتنتقوُنَّ كما يُنتقى التمر من أغفاله، فليذهبن خياركم، وليبقين شراركم) ومعنى "من أغفاله": أي مما لاخير فيه.

وعنه رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنكم في زمانٍ من ترك منكم عُشر ما أمر به هلك، ثم يأتي زمانٌ من عمل منهم بعشُر ما أمر به نجا) رواه الترمذي وأحمد.

 

إن الحديث السابق يُسفِر عن ذات الحقيقة، وهو أن صلاح المجتمعات آخذٌ بالتناقص مع مرور الوقت،كما يشير إلى النسبية والتفاوت في مستوى الصلاح بين الأجيال الأولى في الإسلام والأجيال اللاحقة على وجه العموم، وقد فُسّر الحديث بأن العُشر المأمور به إنما المقصود به: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففي الرعيل الأوّل وفي فجر الإسلام كان الدين عزيزاً، وفي أنصاره كثرةً، فلا عُذر في التهاون في هذه الشعيرة العظيمة، ولكن حين يضعف الإسلام، وتكثر الظلمة، ويعم الفسق، ويكثر الدجالون، وتقل أنصار الدين، ويتوارى الحق فيعذر المسلمون فيما تركوه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لعدم القدرة، والله سبحانه وتعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

 

هذا ما قاله الشرّاح في بيان المعنى، والذي دفعهم إلى تخصيص العموم الوارد في قوله –صلى الله عليه وسلم: (عشر ما أُمر به) أن المسلم لا يعذر فيما يهمل من الفرض الذي تعلق بخاصة نفسه، وإن كثر أهل الظلم، وقلّ أهل الحق، ويمكن أن يجاب على ذلك بأن المأمور به ليس خاصّاً بما هو فرضٌ لازم على المكلّف، بل يشمل المندوبات والمستحبّات، فيكون معنى الحديث أن زمان الصحابة رضوان الله عليهم كانوا في واقعٍ يسمح بالاستقامة التامّة على منهج الله فلا يكون تركهم للمأمورات –إجمالاً- كحال من تركها في بيئةٍ لا تُساعد على التمسّك التامّ، وهنا تأتي مسألة النسبية المتلازمة بين تدين الإنسان وواقعه، والتنبّؤ بالتناقص التدريجي في استقامة المجتمعات كشرطٍ من أشراط الساعة ، فيكون معنى الحديث مطابقاً لقوله –صلى الله عليه وسلم-: (لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم) رواه البخاري.

إذن فالصالحون لا يخلفهم من يسدّ ثغرتهم، ودائرة الصلاح تضيق شيئاً فشيئاً، هذا هو مقتضى الأحاديث السابقة، وهو الأمر الذي يقودنا إلى سؤالين مهمّين لا يمكن إغفالهما: ما هو الصلاح المقصود؟ ومن هم الصالحون؟

نقول بدايةً إن الله أمرنا بلزوم الصلاح، والذي هو في جوهره: طاعة الله ورسوله، والامتثال للمأمورات الشرعيّة، والانتهاء عن المحذورات، قال تعالى: {كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً} (المؤمنون: 51)، وقد وعد الله سبحانه وتعالى من يعمل من الصالحات وهو مؤمن فقال: { ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا} (النساء:124)، وقال تعالى:{ فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون} (الأنبياء:194).

 

ومن هم الصالحون؟ يخطيء البعض حين يختزل معنى الصلاح واسم الصالحين في العلماء وطلبة العلم والسالكين المسلك الشرعيّ، والحق أن دائرة الصلاح تتسع باتساع مفهومه لتشمل ميادين الخير كلّها، الأمر الذي يقتضي دخول المنفقين والعبّاد والدعاة، والمصلحين والمربّين، والحريصين على ريادة أمتهم والارتقاء بها، والقضاة الحكّام الصالحين وغيرهم، فالتناقص ظاهرةٌ عامّة تشمل هؤلاء جميعاً.

وهذا التناقص والذهاب للصالحين جارٍ وفق الأسباب والسنن الإلهيّة التي هيّأت له، فمع انتشار وسائل الفساد والإفساد، وعدم قدرةِ كلّ جيلٍ أن يُنشيء جيلاً آخر شبيهاً به، أو على الأقل: يتناسب معه كمّاً وكيفاً، نشأ هذا الاختلال في مستوى الصلاح وسبّب تناقص مظاهره على وجه العموم.

والواقع يشهد أنه قلّما يذهبُ رأسٌ من رؤوس الصلاح فيخلفه من هو مثله في مستواه العلمي أو مكانته الدعويّة أو دوره الحيوي فيخلّف في الناس فراغاً، وبالمثل: فإننا نشهد نكسةً تربويّةً عامّة ولم يعد الطريق سهلاً ميسّراً في تحقيق الدور المنشود، فضلاً عن كثرة المغريات التي تُبعد الناشئة عن مسالك الهدى والصلاح، ومن ثمّ فإمكانيّة التغيير أو البناء تواجه صعوباتٍ جمّة وتتطلّب مجهوداً أكبر مما كان عليه في السابق.

وكواقعٍ حتمي ونبوءةٍ سوف تتحقّق على طول الشريط الزمني للحياة الدنيا فإن دائرة الصلاح سوف تتقلّص باستمرارٍ، حتى تضمحل تماماً ولا يبقى منها أثرٌ، وتكون تلك هي العلامة على قيام الساعة ، ولنا في ذلك حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض، فيبقى فيها عجاجة، لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكراً) رواه أحمد، والشريطة: يعني أهل الخير والدين، والعجاج: الغوغاء والأراذل، ومن لا خير فيه.

ولنا كذلك حذيفة بن اليمان عند ابن ماجة، وفيه:  💥💥(يَدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة، ولا نسك ولا صدقة، ويبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله، فنحن نقولها)، 

💥 وحديث أنس رضي الله عنه: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله، الله) رواه مسلم.

 

على أننا نؤكّد أن هذه الأحاديث تتحدّث عن جانبٍ إخباريّ يتعلّق بفترةٍ زمنيّة طويلة تشمل أجيلاً متتالية، فليس المقصود نفي الخيريّة عن أمتنا أو أن تكون هذه الأحاديث سبباً في تسرّب اليأس من النفوس أو مدعاةً للتخاذل، فكما بيّنت السنة الخلل الحاصل فقد بيّنت أسبابه، وبتجنّب الأسباب يكون الصلاح، والعبدُ إنما هو مكلّفٌ بخاصّة نفسه أن يُصلحها وليس مسؤولاً عن فساد غيره ما دام قد أدّى ما عليه: {لست عليهم بمصيطر} (الغاشية: 22).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل للمرأة حور عين علي غرار الرجال ام مااااااااااااااااذا؟

  ماذا للنساء في الجنة هل لهن الحور العين؟  62 - للرجال حور العين ولكن ماذا للمرأة؟ عدد القراء :  السؤال : وفقا للقرآن عندما يدخل الرج...